احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

الطبقية الفكرية !


ملايين السنين مرّت وملايين عمليات التطوّر حدثت ووصلنا إلى تطوّر وعي الإنسان، الذي مكّنه من السيطرة على هذا الكوكب دوناً عن بقية الكائنات الحيّة، وأخذ يبتكر أنظمة للعيش على هذه الأرض -وأقصد بالنظام هنا مجموعة الأفكار التي تحدد نظرة الإنسان لكل شيء وتنظم علاقته به- وتوالت هذه الأنظمة إلى أن وصلنا إلى النظام الرأسمالي المقيت الذي نعيشه، ذلك النظام الذي حصر ثروات الأرض في أيدي القلة، وحوّل الإنسان إلى آلة تعيش لأجل العمل، الذي ستصبّ أرباحه في النهاية في حسابات القلة القليلة من الناس، هذا النظام الذي فشل في إنهاء الحروب، وتحقيق السلام العالمي، وتأمين الرعاية الصحية والعيش الهانئ لكل سكان الأرض.

 

ومن الأمراض التي أورثنا إياها النظام الرأسمالي هو مرض الطبقية المادية، وأعني به هنا تقسيم وفرز الناس بناءً على ما يمتلكون من أرصدة في البنوك، ولطالما مقتنا هذه الطبقية لأسباب أخلاقية عقلانية، تلك الطبقية القائمة على مبدأ أراه غير سوي ألا وهو "قل لي كم تملك أقل لك قيمتك!".

 

ولكنني في هذه المقالة سأتطرق إلى طبقية من نوع آخر، أسميتها الطبقية الفكرية، بدأت أقسم الناس إلى طبقات فكرية، وتولدت عندي هذه الفكرة مما رأيته في الحياة العامة، بدأت الفكرة عندي من مناقشات وحوارات في شتى الأمور، منها ما يخص السلوك الإنساني والفكر والفلسفة والدين والعلم والحب، ومنها ما يخص العمل والإدراة والسياسة وغير ذلك من المجالات المختلفة.

 

وفي كثير من الأحيان كنت أصل إلى نقطة أتيقن عندها أن لا فائدة من إكمال الحوار أو النقاش، وأي كلام سأقوله يعتبر نشاطاً غير عقلاني لن يحقق شيئاً!

 

والنقطة الفاصلة هذه هي عندما يتضح لي أن ما أقوله خارج عن إدراك الإنسان المقابل لي، فمثلاً يكون النقاش عن حقوق الإنسان الطبيعية، فنصل إلى نقطة حرية الإعتقاد فيقطع النقاش فجأة بأن الحل هو إنهاء حياة الإنسان الذي قرر أن تكون له أيدولوجية دينية مختلفة عن آبائه وأجداده! وهنا أقف لحظة لأتسائل، الحديث عن الحقوق الطبيعية للإنسان أي التي وجدت بوجوده وقبل وجود أي أيدلوجية دينية، فما الأمر؟!

 

وعندها أثق أن من يتكلم بهذا هو فعلياً سجين طبقة فكرية معيّنة لا يدرك ما هو خارجها، وليس عنده الإستعداد لأن يكسر حاجز هذه الطبقة ليسمع رأياً مختلفاً ثم يقارن ويحلّل، وبالتالي لا فائدة من أي نقاش معه.

 

ولكن بدأت أسأل نفسي قائلاً إن من أكثر الأمور التي بغضناها في النظام الرأسمالي هو تقسيم الناس إلى طبقات  تفصل بينهم فكيف نوفّق بين بغضنا لهذا التقسيم وما نقوله من تقسيم فكري؟!

 

ولكنني رددت على نفسي قائلاً إنّنا بغضنا الطبقية المادية لأنها وليدة لنظام أخطأ في حق الإنسان وقلّل من قيمته، ولأنها طبقية في كثير من الأحيان تفرض على الإنسان وليس له فيها اختيار وإنما الصدفة التي جعلت من فلان أباه هي التي حددت في أي طبقة هو، أما الطبقية الفكرية فهي نتاج تحصيل واجتهاد فردي بناءً عليه يستطيع أن يحدد الإنسان في أي طبقة يريد أن يكون.

 

وعليه أقول إنه أصبح من الواضح عندي أن الإنسان الذي يحلل ويفكر ويلاحظ ويشاهد، ويقرأ ويتحقق ولا يصدق كل ما يقرأ أو يسمع، ويقارن ويناقش حتى "المسلّمات"، هو إنسان ذو فكر حيّ وعقل (مستنير ومتيقظ) ، وأما الإنسان الذي بخلاف هذا فهو إنسان (غافل) يقبع في طبقة فكرية لا بد له أن يكسر حواجزها لينطلق إلى طبقة فكرية أرقى ليصبح الحوار معه قيّماً وذو فائدة له ولمن يحاوره.

 

ربيع ابراهيم

17-9-2015

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق